حان الوقت لإجراء فحص سرطان الثدي!

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

آراء حرة

الثلاثاء 15/أكتوبر/2024 - 11:26 م

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أكتوبر شهر التوعية بسرطان الثدي في جميع أنحاء العالم، وهو أيضا مناسبة للتفكير في التحديات التي مازالت تواجه الأطباء والمرضى لتشخيص أكثر السرطانات شيوعا في العالم وتستلزم جهودا إضافية لما تم تحقيقه خلال العقود الماضية من تقدم في طرق الوقاية والعلاج. ورغم أن الخبر الإيجابي في هذا العام يتمثل في أن الأمل في الحياة ارتفع بنسبة 44% بين المرضى إلا أنه في المقابل ارتفعت أيضا أعداد الإصابة بحوالي 2%، خاصة بين صغار السن أي أقل من 40 عاما. 
ويفسر الأطباء هذا الارتفاع في الإصابة بزيادة التشخيص، بما في ذلك الكشف المبكر، أي هناك تحسن عام في الوعي بهذا المرض. وفي مصر تحديدا، هناك استفاقة إيجابية لدى النساء والمجتمع بشكل عام، ومن هنا أصبحت النساء بعد الأربعين يستجبن للمبادرات الرئاسية والحكومية الصحية المتعددة للكشف المبكر عن سرطان الثدي وكذلك مبادرات القوافل الطبية، وبعضها للمجتمع المدني، والتي تجول المدن والأحياء والقرى والنجوع أيضا. ومن ضمن الأدوار التي تقوم بها هذه المبادرات توضيح الأفكار والمعتقدات الخاطئة والخرافات حول سرطان الثدي.
ولعل أحد التغيرات الإيجابية التي تم رصدها عالميا عند التطرق لهذا المرض يتمثل في مصارحة الأطباء للمرضى بحالتهم. وتذكر راشيل كارسون مؤلفة كتاب "الربيع الصامت" أنه بعد استئصال ثدييها كذب الجراح عليها، ولم تدرك حالتها إلا في المحطة الأخيرة، وقد أودى سرطان الثدي النقيلي بحياتها بعد أربع سنوات. تلك كانت سمة الممارسة العلاجية الغالبة في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات في المجتمعات الغربية. وكان موقف الأطباء أشبه بموقف الزوج المتغطرس في إحدى قصص أنطون تشيخوف، حيث يعاتب الزوج زوجته بشأن حياتهما الزوجية: "أنت امرأة، لا تفهمين، والأمر يتطلب الفهم". وقد اعتقد الأطباء أن النساء ليس فقط غير قادرات على فهم السرطان، ولكنهن أيضًا غير قادرات على التعامل مع مثل هذا التشخيص. لذلك، يبلغن فقط أزواجهن أو أقاربهن الذكور. وللأسف، مازالت بعض الممارسات الطبية في مجتمعنا تفضل الصمت والاكتفاء بمصارحة الزوج أو الأقارب دون المرضى. والعنوان الجميل والذي يحمل حسن النوايا هو الخوف على المرضى. لكن المصارحة تدفع المرضى للعناية بأنفسهم وتغيير نمط تغذيتهم وحياتهم ككل وتحسين جودة الحياة نفسها. ولا يمكن أن يعتني أحد بالمريض مثل اعتنائه بنفسه.  
ومع تطور علوم الوراثة أصبح التحليل الجيني للمرضى مهم جدا، وإن كانت أثمانه مازالت مرتفعة للغاية رغم الإتاحة، ولا يشملها التأمين الصحي. ومن المعروف أن بعض الطفرات الجينية الموروثة تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي، وأهمها طفرات الجينات BRCA1 وBRCA2 وPALB-2. ويمكن للنساء اللواتي يتبين أن لديهن طفرات في هذه الجينات الرئيسة أن ينظرن في طرق الحد من المخاطر، مثل إجراء استئصال جراحي للثديين أو استراتيجيات العلاج الكيميائي الوقائي. ولا يعني بالضرورة عدم وجود سوابق عائلية معروفة أن المرأة تواجه خطرا أقل؛ فأكثر من نصف حالات الإصابة بسرطان الثدي تصيب نساء ليس لديهن عوامل خطر وراثية. 
ولعله من المهم في شهر التوعية بسرطان الثدي الإشارة إلى أن توفر أشعة الماموجرام في القوافل الطبية والوحدات الصحية ليس كافيا لتشخيص كل أنواع الإصابة، بل لابد من توفر أشعة الرنين المغناطيسي ((MRI، وهي الأشعة التي تستطيع أن تظهر صورا مفصلة لأعضاء الجسم. وأهميتها هنا ليس فقط لالتقاط أي تغييرات موجودة في الجسم تحسبا لأي انتشار للأورام -لا قدر الله-ولكن أيضا للكشف المبكر عن نوع معين من سرطان الثدي هو الثلاثي السلبي، حيث هناك من 15 إلى 20% من النساء مصابات بهذا النوع من سرطان الثدي، ولا يتم اكتشافه إلا بعد انتشاره لأن أشعة الماموجرام لا تلتقطه. خطورة هذا النوع أنه يصيب صغيرات السن قبل سن الـ 40 وبروتوكول علاجه مختلف عن البروتوكول المعتاد. 
ومن الأشياء المهمة الأخرى في التوعية للوقاية من الإصابة لمن لديهن عوامل الخطر الوراثي، أو لعدم عودة السرطان، اتباع نظام غذائي خال من الحليب ومشتقاته والسكريات والدهون واللحوم الحمراء، وخاصة المصنعة. كذلك الانتباه لزيادة الوزن لأن السمنة من عوامل زيادة المخاطر. كثير من أطباء الأورام في مجتمعنا لا يفضلون التطرق لهذا الجانب، على الرغم من أن التطور في بروتوكولات العلاج في بلدان كثيرة أصبحت تشمل خضوع مرضى السرطان عموما لاستشارة أخصائي التغذية العلاجية.
أخيرا، مما لا شك فيه أن التقدم في علاج سرطان الثدي حقق طفرة جيدة سواء من خلال العلاجات الحديثة أو حملات زيادة التوعية؛ لكن مازالت هناك ضرورة ملحة لجعل الحملات طوال العام وغير مقتصرة على شهر أكتوبر، وهو أمر نادر في وسائل الإعلام. ولعل التقدم في تنفيذ مشروع التأمين الصحي في محافظات مصر خلال الشهور والسنوات المقبلة من شأنه تحسين الإتاحة للعلاج، في ضوء ارتفاع أسعار أدوية السرطان عالميا. ومطلوب من كل أفراد العائلة أن يقول للأم والزوجة والأخت والعمة والخالة بعد سن الأربعين: "حان الوقت لإجراء فحص سرطان الثدي!"، فالفحص المبكر وحده يضمن الوقاية والنجاة لكل امرأة!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق