دولة عربية تلزم تلامذتها الجدد بالتحصيل ثلاث سنوات على مقاعد المدرسة العمومية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يتميز الموسم الدراسي 2024 – 2025 بموريتانيا، والذي انطلق أمس الاثنين، بمستجد قد يكون مهيكلا لحقل التربية والتعليم في البلاد، يتمثل في سريان قرار يلزم التلاميذ الجدد بالتحصيل خلال السنوات الثلاث الأولى من التعليم الأساسي على مقاعد المدرسة العمومية دون غيرها.

وكانت الحكومة قد فرضت سنة 2022 إلزامية التمدرس خلال السنة الأولى من التعليم الابتدائي حصريا بالمدرسة العمومية، قبل أن تقرر ، بناء على عملية تقييم، توسيع التجربة لتسري على السنوات الثلاث الأولى من المشوار الدراسي للتلميذ.

وتأكيدا على جديتها في تنفيذ القرار الجديد أصدرت وزارة التربية وإصلاح النظام التعليمي الموريتانية بيانا شديد اللهجة تدعو فيه مديري المدارس الخاصة إلى احترام القرار، تحت طائلة اللجوء إلى فرض العقوبات المنصوص عليها في القانون المنظم للقطاع.

ويندرج قرار إلزام التلاميذ الجدد بالتعلم لثلاث سنوات على الأقل في المدرسة العمومية، قبل البحث عن خيارات أخرى، ضمن سعى الحكومة الموريتانية المعلن منذ 2022 لإعادة الاعتبار للتعليم العمومي ، وهو المسعى الذي انطلق بأجرأة "نظام المدرسة الجمهورية الموحد" أحد محاور البرنامج الانتخابي الذي خاض به الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني السباق الرئاسي سنة 2019 (ولايته الأولى).

وينص النظام الموحد بالخصوص على "إنشاء مدرسة جمهورية تعزز قيم الوحدة واللحمة الوطنية وتسهم في صناعة أجيال وطنية موحدة".

ويعتبر الداعمون للخطوة الجديدة في مجال التعليم أن القرار يعطي زخما للمدرسة العمومية، ويجعل الوزارة الوصية على محك الانجاز الميداني لإثبات نجاعة إصلاح منظومة التعليم العمومي ككل، والحد من انتشار التعليم الخاص على حساب المرفق العمومي .

أما غير المتحمسين لقرار الحكومة فيركزون بالخصوص على أسبقية معالجة الإشكالات المتعلقة بمستوى الاستيعاب والاكتظاظ في المدارس العمومية، لا سيما في المدن الكبيرة التي تشهد حضورا أكبر للتعليم الخاص ، وكذا دعم أسرة التعليم ماديا، ومعالجة النقص في عدد الأطر، خصوصا بالمناطق البعيدة عن العاصمة.

وأطلقت الحكومة الموريتانية منذ 2022 مبادرات للاهتداء إلى أنجع السبل للولوج الآمن نحو إصلاح يخلص الأذهان من تراكمات وأحكام مسبقة حول التعليم العمومي. وفي هذا الإطار تم إطلاق سلسلة مشاورات في اتجاه المعنيين من أولياء التلاميذ وهيئات التدريس وصناع القرار وخبراء وأطياف من المجتمع المدني، أسفرت عن توصيات منها اعتماد اللغة العربية كلغة للتدريس وتعزيز مكانة اللغات الوطنية.

وتطبيقا لمخرجات هذه المشاورات و من أجل "مواصلة الإنجازات في ترسيخ المدرسة العمومية"، كما تؤكد الحكومة، سيتم خلال الموسم المدرسي الجديد "تدريس بعض المواد العلمية للمرحلة الابتدائية باللغة العربية، مع (محاولة) شرح بعضها باللغات الوطنية".

وردا على المنتقدين ، طمأنت الحكومة الموريتانية أسرة التعليم بخصوص اتخاذ إجراءات تحفيزية لصالح موظفي القطاع ، فوعدت بإحداث صندوق خاص لتشجيع المدرسين المتميزين، ووضع برنامج موسع لبناء وتأهيل وتجهيز المدارس العمومية ، كما أطلقت أياما تشاورية لوضع استراتيجية وطنية للكتب المدرسية و الدعامات التربوية يتم خلالها بحث إمكانية دمج التكنولوجيا الرقمية لتحسين جودة التعليم بشكل مستدام.

ولمواجهة النقص في المدرسين ، رحب الموريتانيون، بشكل واسع، بقرار استدعاء المدرسين العاملين في الإدارات والمؤسسات المركزية والجهوية التابعة لقطاع التربية، وتوجيههم للتدريس الميداني بكل أسلاك التعليم (معلم، أستاذ إعدادي، أستاذ تعليم ثانوي)، ابتداء من الموسم الحالي.

وإذا كان قرار إلزامية التمدرس لثلاث سنوات على الأقل بالمدرسة العمومية قد ترافق بنقاشات فإن هناك مستجد آخر يميز الدخول المدرسي الجديد ، حظي بترحيب من أغلبية الموريتانيين المعنيين، وهو اختصار المرحلة الإعدادية في ثلاث سنوات مع إدراج مادتين جديدتين هما التكنولوجيا والمعلوماتيات.

وبعيدا عن النقاش حول هذا القرار أو ذاك، حمل مشهد الدخول المدرسي أمس بنواكشوط صور فرح التلاميذ وهم يستقبلون عامهم الدراسي الجديد بزي موحد، بعد أن أكدت الوزارة الوصية أنه " لن تستقبل أي مدرسة، عمومية كانت أو خاصة، أي تلميذ لا يرتدي الزي المدرسي الموحد ".