تحديات قانونية وحقوقية تواجه إعادة القٌصر المغاربة غير الشرعيين من أوروبا

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تباينت تعليقات حقوقيين مواكبين لملف الهجرة غير النظامية بالمغرب حول تأكيد المملكة على لسان وزير خارجيتها، ناصر بوريطة، استعدادها لإعادة المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم إلى أرض المملكة وفق شروط معينة، وذلك على هامش تعليق الوزير على محاولة “الهجرة الجماعية” التي شهدتها مدينة الفنيدق وشارك فيها المئات من القاصرين، وكذا تطورات ملف الهجرة مع جزر الكناري.

وذهب حقوقيون إلى اعتبار هذا الإعلان بمثابة “محاولة لطرح معادلة محسومة النتيجة مسبقا: استحالة إعادة أغلبية هؤلاء القاصرين”، موضحين أن “هذه العمليّة تخضع لمعيار صارم نصّت عليه اتفاقية حقوق الطفل وتضمنّته الاتفاقيات الثنائية بين المغرب والدول الأوروبية في مجال الهجرة، هو وجود المصلحة الفضلى للطفل”، في حين اعتبر آخرون أن “المغرب واعٍ بهذا المبدأ، غير أن الإشكال أن قضاء إسبانيا، على سبيل المثال، قد يلجأ خلال تنفيذ هذه العملية إلى المطالبة بإعادة القاصرين مرة أخرى إلى بلاده، مستندا إلى السابقة القضائية المتمثلة في قرار المحكمة العليا الإسبانية بإرجاع 12 قاصرا مغربيا إلى سبتة مرة أخرى، بعد أن تمّت إعادتهم إلى المغرب”، مبرزين أن “هذا الإشكال قد يجعل عمليّات إعادة القاصرين غير ذات جدوى في نهاية المطاف”.

وكان وزير الخارجية المغربي قد أكد، الثلاثاء، أن “المغرب مستعد لإعادة كل مهاجر غير شرعي ثبت بالفعل أنه مغربي الجنسية، وينطبق الأمر نفسه على القاصرين”.

وقال بوريطة في ندوة صحافية جمعته برئيس جزر الكناري، فرناندو كلافيجوا، على هامش زيارة الأخير إلى المغرب، إن هذا “الأمر حالياً بيد الدول الأوروبية، التي عقدت الرباط معها مشاورات حول الأمر مؤخراً، لكن القضية تواجه تعقيدات بسبب مساطرها القانونية”.

“النتيجة محسومة مسبقا”

في تعليقه على الموضوع، قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، إن “وزير الخارجية إنما يحاول من خلال تصريحه توجيه رسائل سياسية، خاصة إلى الأوروبيين، وطرح معادلة هو يعرف نتيجتها مسبقا، تتمثل في استحالة إعادة غالبية هؤلاء القاصرين، بالنظر إلى أن ترحيل هذه الفئة من الدول الأوروبية يجب أن يتقيّد بمعايير صارمة تحترم حقوق الطفل”، مبرزا أنه “بموجب اتفاقية حقوق الطفل والاتفاقيات المغربية الأوروبية في مجال الهجرة، تُلزم عملية الترحيل بمراعاة المصلحة الفضلى للقصر، وتوفير الحماية والرعاية لهم أثناء العمليّة وبعدها”.

وأوضح تشيكيطو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب والاتحاد الأوروبي تشدد على توفير حماية شاملة للأطفال في حالات الهجرة؛ إذ وضعت المادة 3 من الاتفاقية مبدأ حماية مصالح القاصرين في الصدارة”، موردا أن “هذه الاتفاقية تقضي بعدم تنفيذ عمليّة ترحيل الطفل القاصر إلا بعد النظر بعمق في انطواء هذا الترحيل على مصلحته الفضلى، ومدى إمكانية توفير البيئة التي سيعود إليها حقوقه الأساسية وحمايته من الاستغلال والعنف”.

وأضاف رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان أن “مقتضيات الاتفاقيات الثنائية بين المغرب والدول الأوروبية ستحول بدورها دون تنفيذ نسبة كبيرة من عمليّات الإعادة”؛ إذ إن “الاتفاقية الأوروبية المغربية بشأن الهجرة، على سبيل المثل، شدّدت على وجوب انضباط ترحيل المهاجرين القاصرين لمعايير حقوق الإنسان الدولية، وألا تتمّ هذه العملية إلا في حال كانت المصالح الفضلى للطفل محمية بالكامل، وفقا لمعايير الاتفاقية سالفة الذكر”.

“سيناريو قاصري سبتة”

من جانبه، أكد شكيب الخياري، ناشط حقوقي مختص في قضايا الهجرة، أن “عزم المغرب إعادة مهاجريه من القاصرين غير المصحوبين، لا ينطوي على أي تجاوزات حقوقية، بشرط استحضار المبدأ الحقوقي والقانوني الذي تشدد عليه الاتفاقيات الدولية التي تطرّقت لإعادة المهاجرين القصر، وهو المصلحة الفضلى للطفل”.

وذكر الخياري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المغرب من خلال مثل هذه التصريحات يؤكد أنه يتحمّل مسؤوليته في الالتزام بالاتفاقيات الثنائية الموقعة، ويلقي بكرة التعقيدات التي تواجه عمليّات إعادة القاصرين في ملعب الجارة الشمالية”، موضحا أن “القضاء الإسباني قد يلجأ خلال تنفيذ هذه العمليّات إلى إصدار أحكام بإعادة القاصرين المغاربة المرحلين صوب المملكة، بالاستناد إلى السابقة القضائية المتمثلة في قرار المحكمة العليا الإسبانية رقم 6480/2022، القاضي بإعادة 12 قاصرا مغربيا إلى مدينة سبتة المحتلة بسبب عدم احترام مبدأ المصلحة الفضلى للطفل، من ضمن أمور أخرى”.

وأضاف الناشط الحقوقي المختص في قضايا الهجرة أنه “قبل إعادة أي مهاجر مغربي قاصر إلى أرض المملكة، ستنظر السلطات الإسبانية في مدى ملاءمة قرار الإعادة لمصلحته الفضلى حتى لا تصطدم بالقضاء، ما يعني أن على عاتقها التثبت من أن المعني لن يواجه ظروف صعبا في حال إعادته، من قبيل سوء المعاملة داخل الأسرة”، مبرزا أن “المغرب واع بدوره بهذه المسألة، إلا أن الإشكال كما أسلفت سيظل في إمكانية مطالبة القضاء الإسباني بإعادة العديد من هؤلاء القاصرين مرة أخرى بعد ترحيلهم، وهو ما يؤدي إلى فقدان عمليات الإعادة جدواها في نهاية المطاف”، خاتما بأن “الإشكالية المطروحة إسبانية-إسبانية، لا علاقة للمعرب بها”.