محاربة الفقر والبطالة بتونس.. ملفات ملحة تنتظر قيس سعيد في عهدته الثانية

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تنتظر الرئيس التونسي قيس سعيد ملفات متشابكة بعد فوزه بعهدة رئاسية جديدة، أبرزها التحديات الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك التحدي الأمني المتعلق بالأعداد الكبيرة للمهاجرين غير النظاميين الذين يتدفقون على تونس من القارة الإفريقية، حسبما يرى خبراء ومحللون تونسيون تحدثوا لـ"الدستور".

وأعلنت الهيئة العامة المستقلة للانتخابات في تونس، النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية التي جرت يوم الأحد، بين ثلاثة مرشحين هم قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوى.

وتصدر قيس سعيد النتائج بنسبة 90.69% وفق ما أعلن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحفي بقصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية مساء اليوم؛ ليصبح بذلك رئيسا لتونس فترة رئاسية ثانية.

مناخ سياسي متوتر

وقال المحلل السياسي التونسي محمد الهادي غابري، إن الانتخابات الرئاسية في تونس جرت في مناخ ساسي متوتر سببه الجدل الذي أثير نتيجة إقصاء عدد من المترشحين المحتملين وما وافقه من نقاشات قانونية وقضائية وسياسية، وتعديل القانون الانتخابي قبل أسبوع من الانتخابات.

وأضاف غابري أن هذه الأمور ألقت بظلالها على العملية الانتخابية وأثارت بعض الهواجس حول جدية العملية، لكن بصورة إجمالية تمت الانتخابات في كنف السلمية والهدوء، ربما لأن الرئيس قيس سعيد لم يقم بحملة انتخابية ما عدا المتطوعين في الجهات، والمترشح الهاشمي الزمال في السجن، ومنعدم الحضور في المشهد إلا عدد من أنصاره، بينما قام المترشح زهير المغزاوي بحملته الانتخابية كما أراد.

وتابع قائلا: في العموم، كانت انتخابات متوافقة شكليا مع المعايير الدولية بوجود مراقبين أجانب من الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية واتحاد البرلمانيين العرب. 

وأشار إلى أن النسبة العالية جدا التي حصدها الرئيس سعيد جاءت وسط أجواء عامة من التوتر والاحتقان السياسي، وبسبب حالة من اليأس وعدم الثقة لدى عامة الناس من النخب السياسية، كما استثمر سعيد جيدا أخطاء بعض السياسيين والأحزاب ونجح في شيطنة الجميع. ورفع شعارات التطهير والمحاسبة ومقاومة الفساد. كما أن المعارضة لم تتوحد خلف مرشح واحد.

طهارة يد قيس سعيد

وأوضح أن نظرة التونسيين لسعيد على أنه نظيم اليد ولم يسرق الدولة والمال العام شفعت له حتى عن عدم تقديم إنجاز اقتصادي كبير ينعكس على حياة المواطنين.

وشدد على أن هناك ملفات وتحديات تتطلب معالجة سريعة خصوصا الملف الاجتماعي وزيادة معدلات البطالة، والتآكل المتواصل لمرافق الصحة والتعليم والنقل العمومي والتوقف شبه الكلي للانتداب في الوظيفة العمومية والقطاع العام.

ومن بين التحديات أيضا، يبرز التحدي الاقتصادي، وتزايد مستوى الفقر رغم الاستقرار النسبي، واهتراء المقدرة الشرائية لدي عامة الناس بسبب ارتفاع معدل التضخم ولهيب الأسعار وندرة عدد من المواد الأساسية من السوق.

وفيما يتعلق بالملفين السياسي والأمني، قال غابري، إن الرئيس مطالب بخطاب تهدئة وتطمين وتوحيد الجهود لإنقاذ البلاد والعباد مع مواصلة المحاسبة بالقانون ضد من أجرم. كما تجب مواجهة جحافل المهاجرين غير النظامين من أصول أفريقية جنوب صحراوية لما تشكله من خطر على الأمن القومي لتونس والمنطقة ككل.

3 تحديات على طاولة قيس سعيد

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، أن هناك عددا من المنجزات يمكن الحديث عنها في سياق الانتخابات الرئاسية، أولها أن الذين ذهبوا إلى التصويت ذهبوا بإرادتهم؛ دون شراء للأصوات، أو تجمعات انتخابية كبيرة مفتعلة، أو مال فاسد من الجمعيات، ودون تخطيطات على المنصات التلفزيونية والإعلامية تدفع الناس دفعا تجاه أحد المرشحين.

وقال الجليدي لـ"الدستور"، إن الذين ذهبوا إلى الانتخابات هم المنخرطون في العملية السياسية في تونس، ونسبة 30 في المئة رقم مهم جدا، رغم أن نسبة المشاركة في الانتخابات سنة 2014 وصلت إلى 54 في المئة، لكن الفرق شاسع بين من يذهبون بالأموال المدفوعة والفساد، وبين من يذهبون للتصويت بمحض إرادتهم.

وأشار إلى أن المنجز الثاني للعملية الانتخابية هو الكشف عن عديد الأشياء في حاجة للإصلاح، مثل الهيئة العليا للانتخابات والمؤسسات المتداخلة، وبات من الضروري الآن إنشاء المحكمة الدستورية في تونس.

معارضة هشة 

ونوه بأن المنجز الثالث أن الانتخابات كشفت أن المعارضة التونسية والأحزاب السياسية لا تملك مشاريع حقيقية بقدر ما كانت صورة إعلامية تم النفخ فيها وتصويرها على أنها قوة كبيرة جدا، لكن انكشف أنها فارغة.

وأكد أن المنجز الرابع والأخير هو أن التونسيين قد كشفوا للعالم كله أن زمن الإخوان قد انتهى، فالمرشح المدعوم من الجماعة العياشي زمال لم يتحصل إلا على نسبة قليلة من الأصوات.

وواصل قائلا: هناك تحديات كبيرة على طاولة الرئيس قيس سعيد، أولها الملف الاقتصادي والاجتماعي، والثاني متعلق بالمسار القانوني والتشريعي، والثالث هو تحد سياسي.

واختتم الجليدي بالقول: لا بد من تنقية المناخ السياسي في تونس، وهذا هو ثالوث التحديات التي تواجه الرئيس في عهدته الرئاسية الثانية.