لحلو: "رموز الفن المغربي" مفهوم مغالِط.. ونحتاج ثورة لغسل تخلف الأدمغة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بتوجُّس ينظر المسرحي نبيل لحلو إلى رمزية الفنان ومُنجزه في المجتمع المغربي، قائلا: “عندما يرحل فنان كبير، ممثلا كان أو مخرجا سينمائيا، يعد أسطورة في وطنه وأعين مواطنيه، يقام له تكريم رسمي وجنازة رسمية يحضرها رئيس دولته والآلاف من الذين أحبوه طوال مشواره الفني. هذا التكريم لا يحصل إلا في الدول الراقية والمتقدمة على جميع الأصعدة، وعلى رأسها الديمقراطية (…) عندما يموت فنان كبير أغنى بلاده بأعمال فنية عالمية تقوم القنوات التلفزيونية في بلاده بتغيير برامجها لكي تكرمه يوم دفنه، وذلك ببث فيلم من أفلامه أو مسرحية من مسرحياته المصورة”.

وتابع لحلو: “هذا السلوك الحضاري يحدث في الدول التي لها تقاليد عريقة، متجذرة منذ قرون، ثقافيا وعلميا وفنيا وإبداعيا”، بينما يرى أن التلفزيون الرسمي بالبلاد “يغيب فيه طموح إلى بناء صورة الوطن، وإفادة المواطن”، ثم استرسل: “أثناء مساري المسرحي والسينمائي تعرفت على ممثلين وممثلات مغاربة لهم موهبة كبيرة وحقيقية، ومنهم من كان يملك شخصية كاريزمية تفتح له أبواب الأدوار الرئيسية في السينما؛ لكن غالبية هؤلاء الممثلين والممثلات أمام غياب ممارسة التمثيل الاحترافي، يوميا، لجؤوا إلى النبيذ لينسوا خيبتهم واغتيال أحلامهم”.

وتذكر المسرحي ذاته اقتراحه بعد وفاة أحمد الطيب العلج والطيب الصديقي على محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة الأسبق، أن “تحمل قاعة ابا حنيني اسم: مسرح الطيب الصديقي، وأن تحمل الجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح الاحترافي اسم: الطيب؛ الطيب الذهبي، الطيب الفضي، تكريما للطيب الصديقي والطيب العلج”.

ويقدّر المخرج المسرحي والسينمائي والممثل نبيل لحلو أن “أغلبية الممثلين والممثلات المغاربة لم يقدموا، طوال مشوارهم المسرحي، إلا أعمالا مسرحية صغيرة وبسيطة، وفي الكثير من الأحيان تافهة”، وهو تخلف مرده إلى “غياب اهتمام الدولة بالمسرح منذ السنوات الأولى لاستقلال المغرب”.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية توجّس لحلو من صدق مفهوم “الرموز” الذي “يتداول عندما يموت فنان؛ لأن الصيغ التي يُتحدّث عنه بها فيها تغليط، دون قول ما فعله وما لم يفعله”، بفهم معين لذِكر محاسن الأموات في الإسلام، وواصل: “ما يُقدّم في مسرحنا من تمثيل وما يثار فيه من مواضيع بسيط ومتخلف مقارنة بما يحدث في العالم، والدولة، عامة، للأسف لا تعطي أهمية للثقافة، ولا يوجد وعي حقيقي بدورها الكبير، فمثلا أوروبا ودولها، وفرنسا على وجه الخصوص، وجودها ثقافي أساسا لا عسكري، بينما الاهتمام في المغرب يكون بالمواسم الدينية والتقليدية والفروسية، أما الثقافة العصرية فكأن الدولة لا تريدها أن تكون”، وزاد: “في المسرح مثلا لا توجد فرق جهوية، بإمكانيات ضخمة، تُحدث رواجا بالمعنى الثقافي لا بالمعنى التجاري، كما أننا مازلنا في بلد تطغى فيه الرقابة، وحرية التعبير فيه في خطر؛ ولا محيد من المجتمع التقليدي في وجود أناس متخلفين جدا (…) ونحتاج للتخلص من هيمنة هذا الفكر ثورة تغسل أدمغة كثير من الناس حتى لا يبقوا متخلفين؛ فكأننا نتعلم القراءة لا لتنمية الوعي بل لنفهم ‘ممنوع البول” (…) المكتوبة على الحيطان. وبالتالي لبناء المجتمع تحتاج الدولة إعطاء أهمية للمسرح والسينما والتلفزة، حتى لا يبقى متفرِّجونَ بغباء، نظرا لغياب المراجع المهمة في أذهانهم”.

ثم استدرك المصرح قائلا: “لا يخلو المغرب من أناس حاولوا ما أمكن العمل، لكن لم توفر لهم الإمكانيات بمعنى الكلمة، فالدولة لا تولي الثقافة أولوية، ومؤسسة ثقافية مثل ‘مسرح محمد الخامس’ منذ عقود لا تشتغل بوصفها مؤسسة وطنية لها سياسة مسرحية، بل بوصفها قاعة للكراء، رغم دعمها مسرحيات من بينها مسرحيتي الأخيرة ‘موت سقراط'”.

ويتأسف لحلو في ختام تصريحه لهسبريس للبلد الذي “يبدو وكأنه يُبنى بالبيانات الصحافية، ودعايتها، بينما الواقع الثقافي والمجتمعي شيء آخر”، خاتما: “مازلنا نعيش تخلفا مسرحيا وتلفزيا وسينمائيا أيضا، والإقبال على العروض يظهر مدى الاهتمام المجتمعي بها، ونحتاج ثورة تغسل التخلف من الأدمغة”.