مصر تُغني.. كيف يُعيد مهرجان الموسيقى العربية تعريف الفنون الراقية في العصر الحديث؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عبر رحلة طويلة بدأها مهرجان الموسيقي العربية، في العام 1992، استطاع المهرجان أن يعيد الفن الراقي إلي أسماع الجمهور، وأن يكون قبلة للعشرات من نجوم الفن والطرب ليس في مصر وحسب، إنما من جميع الأقطار العربية من المحيط إلي الخليج عبر دوراته المتتابعة والتي بلغت هذا العام الدورة الثانية والثلاثين.

مؤتمر الموسيقي العربية الأول

منذ تسعة عقود، تحديدا في العام 1932، وتحت رعاية الملك فؤاد، ملك مصر والسودان، عقد في القاهرة مؤتمر الموسيقى العربية الأول لتدارس الموسيقى العربية وانعقد المؤتمر بمعهد الموسيقى العربية بمقره الكائن في شارع رمسيس.

وفي شهر أكتوبر من العام 1992، عقد مهرجان الموسيقي العربية الأول، ومؤتمر الموسيقي العربية الخامس منذ المؤتمر الأولي الذي كان قد أقيم في العام 1932. 

وعن المؤتمر قال الأكاديمي المؤرخ الموسيقي السوري، دكتور سعد الله أغا القلعة عن الدورة الأولي لـ مهرجان الموسيقي العربية: “فيما بعد دعا هذا المؤتمر، المؤتمر الأولى للموسيقى العربية في دار الأوبرا المصرية، بعد أن أقر انعقاده سنويا، وذلك بجهود الأخت دكتورة رتيبة الحفني رحمها الله، كان ذلك المؤتمر مهما جدا، وقد توصلنا فيه من خلال نقاشات ثرية، إلى وضع خطة عمل للنهوض بالموسيقى العربية آن الأوان لتنفيذها.”

د. سعد الله القلعة
د. سعد الله القلعة

وبحسب “القلعة”، في لقاءه علي التلفزيون السوري غداة انعقاد مهرجان الموسيقي العربية الأول: “شارك في هذا المؤتمر 80 باحثا من مختلف الدول العربية وتركيا وإسبانيا وهاتان الدولتان تأثرتا بالموسيقي العربية بشكل واضح. أهمية هذا المؤتمر تأتي في نقطتين، أولا أنه ينعقد بعد بعد مرور 23 عاما لم يعقد فيها أي مؤتمر للموسيقي العربية. والنقطة الثانية هي أن هذه الأعوام السابقة التي لم يعقد فيها المؤتمر شهدت تغيرا وتحولا في مسار الموسيقي العربية، خاصة بسبب وسائل الإيصال التي نقلت إلينا عبر الأقمار الصناعية وعبر أجهزة الإعلام، نقلت إلينا موسيقي أخري، هي موسيقى وغناء المنوعات. 

نقلت إلينا أيضا آلات أخرى كالأورج الذي دخل إلى موسيقانا دون أن يكون قد هيئ لذلك، فهو في الأصل لا يستطيع أن يوفر أساسيات الموسيقى العربية ولكنه وصل إلينا وبدأ يسيطر في الفرق الموسيقية، هذه الموسيقى التي قد لا نستطيع أصلا أن نضمها إلى ما نعني به باصطلاح "الموسيقي العربية".

ويشدد “القلعة”: إذن إشكاليات كبير عبر هذه التغيرات والتحولات بحاجة إلى حل ونقاش، وهكذا ستة أيام طويلة في مهرجان الموسيقى العربية الأول، شهد مناقشات كثيرة لمناقشة هذه الإشكاليات.     

دكتور رتيبة الحفني مؤسس مهرجان الموسيقي العربية

ويضيف "القلعة" عن كواليس التحضير للدورة الأولى من مهرجان الموسيقى العربية: "أثناء تحضيرها لإطلاق الدورة الأولى لمؤتمر ومهرجان الموسيقى العربية في دار أوبرا القاهرة  أكتوبر من عام 1992، قامت الدكتورة رتيبة الحفني مقرر عام المؤتمر بزيارة إلى سورية، لبحث المشاركة السورية.

 

د. رتيبة الحفني والقلعة
د. رتيبة الحفني والقلعة

زارت الدكتورة رتيبة مبنى الإذاعة والتلفزيون في دمشق، حيث التقينا لأول مرة، كنتُ وأنا الذي أقدم البرنامج الخاص بالموسيقى العربية في التلفزيون السوري، أعرفها من خلال زياراتي المتكررة للقاهرة، ومشاهدتها تقدم البرنامج الخاص بالموسيقى العربية على الشاشة المصرية، ومن خلال ما ذكره لي والدي عن والدها، ومما قرأته من مؤلفاته في مكتبة الوالد.

ولذا كان لقاؤنا وكأننا أصدقاء منذ زمن بعيد، إذ كانت تعرف مسيرة والدي الدكتور فؤاد رجائي آغا القلعة، مؤسس إذاعة حلب ومعهدها الموسيقي، الذي أسسه كمعهد خاص ومجاني للموهوبين من والدها، الدكتور محمود أحمد الحفني، مقرر عام المؤتمر الأول للموسيقى العربية عام 1932، ومفتش الموسيقى في وزارة المعارف المصرية، وصاحب المؤلفات العديدة في تاريخ الموسيقى العربية وأعلامها.

 وهكذا كان حديث عن ذكريات مشتركة، ولو بشكل غير مباشر، فكان أن دعوتها لإجراء لقاء لصالح الشاشة السورية فرحبت، وكان هذا اللقاء فاتحة لصداقة امتدت لأكثر من عشرين عامًا، إلى جانب زمالة حقيقية، فكثيرًا ما كنا نتشاور في العديد من المسائل التي تتعلق بالموسيقى العربية، في سياق مشاركتي الدائمة في أعمال مؤتمر الموسيقى العربية مهرجانها على مدى سنوات طويلة.

ميلاد أجيال طربية عبر مهرجان الموسيقي العربية

منذ دورته الأولي، شهد مهرجان الموسيقي العربية بالقاهرة، أجيال عدة من الفنانين المصريين والعرب، فمن مصر شارك في المهرجان عبر دوراته المتعددة النجوم، مدحت صالح، عايدة الأيوبي، محمد ثروت، هاني شاكر، محمد منير، أنغام، عفاف راضي، نادية مصطفي، حنان ماضي، محمد الحلو، علي الحجار، آمال ماهر، غادة رجب. 

كما شهد المهرجان مشاركات للعشرات من نجوم الطرب في العالم العربي، من أمثال صباح فخري، وديع الصافي، لطفي بوشناق، عاصي الحلاني، أصالة، عبده شريف المطرب التونسي الراحل والذي تألق من خلال تقديمه لأغنيات العندليب عبد الحليم حافظ، فضلا عن ميادة الحناوي، ذكري، وغيرهم العديد.