الزهد والتصوف في العصر العباسي الثاني من مظاهر

إن العصر العباسي يعتبر من أهم العصور التي يفتخر العرب بها، ويرجع ذلك إلى بلوغه مستويات عالية من الحضارة وأيضًا امتزاج الكثير من الثقافات به، وعليه نتعرف على الزهد والتصوف في العصر العباسي الثاني من مظاهر وعن أسباب ظهورهم من خلال هذا المقال.

الزهد والتصوف في العصر العباسي الثاني من مظاهر

على الرغم من أن الأشخاص من الطبقات العليا غرقوا في حياة الترف وغرقوا في اللهو والمجون فإن المجتمع العباسي الذي كان يشكله الشعب عامةً كان مجتمعًا مسلمًا متمسكًا بأخلاق الإسلام وأيضًا مروءة العرب، كما أنهم لم يعرفوا حياة الترف بمختلف أشكالها، حيث إنها كانوا يسخطون على الزنادقة والمُجان والملحدين.

يُذكر أنه على الرغم من انتشار دور الخمر والمجون فإنه انتشرت حركات الوعظ والزهد في الدنيا في المساجد، كما أنه انتشرت طائفة كبيرة من المحدثين والفقهاء الذين رفضوا متاع الدنيا وعملوا على تكريس حياتهم للعبادة، كما أنهم ابتعدوا عن الترف الذي انتشر في هذا العصر، وكانوا مؤثرين بشكل عام.

نجد من بينهم إبراهيم بن إسحق الحربي كان قد عزف عن ملذات الدنيا ورفض أن يأخذ أجرًا على جلوسه من أجل رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما أنه كان يرفض أي مال من الخليفة أو السلطان، وعاش معيشته في زهدٍ شديدٍ ويُذكر أن الخليفة المعتضد أرسل عشرة آلاف درهمًا إليه فقام بردها وأبى أن يقبلها.

أنواع الزهاد والمتصوفة

من خلال التعرف على الزهد والتصوف في العصر العباسي الثاني من مظاهر نذكر أنه كان هناك نمطان من نوع الزهد والتصوف في هذا العصر، والذي يتمثل في الآتي:

1- الزهاد الحقيقيون

في هذا النوع سار الزهاد على زهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان ينبع من صميم الإسلام، حيث إنهم لم يفارقوا سنة النبي في زهده، وكان من أشهرهم الحارث المحاسبي الذي استمد زهده من كتاب الله وسنة النبي.

حيث إنه عمل على محاسبة النفس ومراقبتها بشكل دائم، ويُذكر أنه رفض أن يؤدي توكله إلى التكاسل عن السعي.

2- نوع المتصوفة

يُذكر أنه دخل في زهد تلك الطائفة من الديانات الأخرى خاصةً الشرقية منها المتصوفة، حيث إنهم بدأوا يتحدثون في التصوف على طريقتهم فأوجدوا مصطلحات خاصة لأنفسهم تعبر عن معانيها.

لكن ومع ذلك لم يبتعد التصوف عن تعاليم الإسلام مع بدايات العصر على نحو ما نراه من شطحات صوفية مثل الحلولية، والتي ظهرت عند الحلاج في هذا العصر.

يُذكر أنه من أشهر المتصوفة في هذا العصر ذو النون المصري الذي كان معاصرًا للحارث المحاسبي الذي كان أول من تكلم في المقامات والأحوال الصوفية، ولم يبتعد عن عقيدة الإسلام لكنه لم يسلك طريق الزهد المحمدي، وكان أول من تكلم عن علم الباطن في التصوف الذي يعد لخواص الناس.

من خلال الاطلاع على الزهد والتصوف في العصر العباسي الثاني من مظاهر نذكر أنه هناك عدد من أفكار التصوف ومصطلحاته التي ظهرت في هذا العصر من أبرزها تقسيم المعرفة إلى ثلاثة أقسام مع جعل التصوف معرفة باطنية وأيضًا التحدث عن المقامات والأحوال.