الرمز في قصيدة سربروس في بابل للسياب

هناك الكثير من الأشعار الذين اشتهروا بِاستخدامهم للرموز بشكل كبير في قصائدهم بمختلف أنواعها، والغاية من ذلك إيصال الفكرة والمعنى بشكل غير مباشر، ويمكن أن نأخذ مثالًا على ذلك من خلال الاطلاع على الرمز في قصيدة سربروس في بابل للسياب في هذا المقال.

الرمز في قصيدة سربروس في بابل للسياب

هناك عدد من الرموز في قصيدة سربروس في بابل غير المباشرة والتي تقوم على تكثيف الدلالة وأيضًا الجمالية، والتي تختلف تبعًا لنوعها، وتتمثل تلك الرموز في الآتي:

1- رمز الأسطورة في قصيدة سربروس في بابل

عمل بدر السياب على الإكثار من استخدام الأساطير في أشعاره، حيث إنه هناك الكثير من الرموز الأسطورية في القصيدة وذلك بدءًا من العنوان والمقدمة، حيث إن سربروس عبارة عن أسطورة يونانية قديمة، فهو كلب بثلاثة رؤوس يقوم بحراسة مملكة الموت أو ما يُطلق عليه بالعالم السفلي.

يُذكر أن هذا الكلب يشير إلى الدمار والخراب والشر، وهو رمز لقوى الغرب التي كانت تعيث فسادًا في العراق، حيث قال السياب:

ليعو سربروس في الدروب

في بابل الحزينة المهدمة

ويملأ الفضاء زمزمةْ

يمزق الصغار بالنيوبِ يقضم العظام

ويشرب القلوبْ

يُذكر أيضًا أن السياب استخدم أسطورة تموز في القصيدة وهو إله الزرع والخصب في حضارة ما بين النهرين قديمًا، حيث أشار الشاعر إلى الحياة في العراق كيف كانت، وإلى أمنياته أيضًا التي يرجو أن تتحقق وأن يعود للعراق كما كانت وينهض تموز من سباته، حيث قال:

أواه لو يفيقْ

إلهنا الفتيّ لو يبرعم الحقول

لو ينثر البيادر النضار في السهول

لو ينتضي الحسام، لو يفجر الرعود والبروق والمطر

ويطلق السهول من يديه آه لو يؤؤب

2- رمز الطبيعة في قصيدة سربروس في بابل

عمل الشاعر على استخدام رموزًا طبيعية في قصيدته وذلك من خلال استخدام الماء الذي استخدمه بشكل كبير في قصائده، حيث إن الماء يرمز إلى الكثير من المعاني المختلفة التي من أبرزها العطاء والحياة والأمل.

كما أنه كان يدل في أحيانٍ أخرى إلى التغيير والنهوض والثورة في وجه الطغيان بذكر المطر، وفي مواضع أخرى يدل على الموت وزوال الحياة وذلك اقترانه بالسيول، حيث إنه يعد مصدرًا للثورة، وقال الشاعر عن الماء معبرًا عن الثورة ما يلي:

لو ينتضي الحسام، لو يفجر الرعود والبروق والمطرْ

ويطلق السهول من يديه آه لو يؤؤبْ

3- رمز المكان في قصيدة سربروس في بابل

عمل الشاعر السياب على استخدام الرمز المكاني في قصيدته، وتم التعبير عن ذلك الرمز الذي يعد من أهم الحضارات في العالم القديم إشارةً إلى العراق، حيث تم الترميز بسربروس إلى الخراب والدمار.

كما أنه تم الترميز ببابل إلى العراق وحضارته، ويُذكر أن العراق قد تميزت بالخيرات والأصالة، وبذلك عمل الشاعر على الإمعان في تذكر بابل وبأن وجود سربروس بها كان فسادًا، حيث أشار إلى بابل في الكثير من المواضع منها:

لكن سربروس بابل -الجحيم

يحب في الدروب خلفها ويركضُ

يمزق النعال في أقدامها، يعضعض ُ

سيقانها اللدان، ينهش اليدين أو يمزق الرداءْ

يلوِّث الوشاح بالدم القديمْ

مزج الدم الجديد بالعواءْ

في النهاية وبعد معرفة الرمز في قصيدة سربروس في بابل للسياب نرى أن الشاعر عبر في قصيدته من خلال تلك الرموز على التعبير عن العديد من المعاني الكثيرة، حيث إن الأسلوب الرمزي في الشعر كان شائعًا في العصر الحديث.