إرسال هود إلى قوم عاد.. ما هي رسالة سيدنا هود؟
إن الله جلّ وعلا أرسل لعباده الأولين الأنبياء والرسل الذين جاءوا إليهم برسالات محددة أساسها عبادة الله الواحد الأحد، ولكن في تلك القصص التي مضى عليها الزمن وهلك منها من كفر وصار مطمئنًا من آمن بالله ولو كان تحت الثرى هي ما يتوجب على عباد الرحمن الآن أن يتخذوا منها عِبرة وعظة، ومن هذا المنطلق سوف نخص بالذكر ما هي رسالة سيدنا هود.
ما هي رسالة سيدنا هود
من رحمة الله عز وجل بسائر عباده أن أرسل إليهم الأنبياء لكي يوجههم ويرشدوهم إلى عبادته وحده سبحانه، وذلك بعرض الآيات عليهم التي تجعلهم يوقنون أن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه ما هو إلا الباطل، وهذا بعينه ما يدور حول تفاصيل قصة النبي هود عليه السلام.
إذ أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه هود إلى قوم عاد من أجل حثهم على ترك عبادة الأوثان وعبادة الله الصمد؛ حيث إنهم كانوا أول الأقوام الذين عادوا للشرك بالله من بعد نوح عليه السلام، إلا أن ما كان منهم سوى الصدّ عن تلك الدعوة ومقابلتها بالسخرية والاستخفاف، وهذا ما تعرضه الآيات الكريمات الآتية:
{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} [هود: 50 – 55].
ما هو عذاب قوم هود
على الرغم من أن قوم عاد أبوا الاستجابة إلى دعوة النبي هود إلا قليل منهم لكنه ظل يدعوهم ليلًا ونهارًا، ولكن ذلك ما زاد إلا طغيان وتجبّر، حتى جاء أمر الله بالعذاب حيث كتب الله عليهم أن يهلكوا بريحٍ صررٍ عاتية، تلك التي دمرت كل شيء من بشر وغير البشر بعد أن كتب الله النجاة لهود ومن آمن معه، وهذا ما تشرحه الآيات الكريمة:
{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُم مِّن شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون} [الأحقاف: 24 – 26].
ما الدروس المستفاده من قصه هود عليه السلام
إن الحديث عن قصة نبي الله هود عليه السلام لا بد أن يتبعه ذكر باقة الفوائد التي تأتي من ورائها، وهي ما تتمثل فيما يلي:
- أن الله هو ذو القوة المتين، لا يعجزه إنس أو جان مهما كانت قوتهم ومهما طال تجبّرهم وطغيانهم سيأتي يومًا ويُهلكهم الله.
- الغرور والتكبر على آيات الله لا يتبعه إلا البطش وسوء العاقبة.
- آيات الله جلّ وعلا وجميع نعمه تحيط بنا من كل جانب ولا يعيها إلا العاقلون.
- صاحب الدعوة يجب أن يجمع ما بين القدرة على الترغيب والترهيب ولا يميل لواحدٍ على حساب الآخر.
- أن الله الرحمن العدل لا يؤاخذ القلة المؤمنة بذنوب الكثرة الفاسقة؛ وهذا ما يتبين من جميع قصص الأنبياء على الرغم من أن من آمنوا بالله كانوا قليلين إلا أن الله قد نجّاهم.
لماذا قال الرسول عن سورة هود انها شيبته
من الجدير الإشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر سورة هود عليه السلام أنه من ضمن السور القرآنية التي شيّبته؛ وفي ذلك إشارة إلى أنها تتضمن تفصيل للهلاك والعذاب الذي كتبه الله على القوم الذين به كفروا، أي أن الشيبة خوفًا من الله وخشية، وهذا ما يتبين في الحديث الآتي:
“عن عبد الله بن عباس قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ” [رواه الترمذي].
إن المسلم الحق لا يتعامل مع كتاب الله المجيد وسنة نبيه المصطفى الكريم إلا بالتدبر ومحاولة الوصول إلى الحِكم الربانية ولو بالقدر القليل، هو من يقرأ في قصص الأولين والآخرين من أجل أن يزداد يقينًا في قدرة الله وأنه لا باقٍ إلا وجهه، وهذا ما حاولنا أن تدور حوله التفاصيل السابقة أثناء طرح قصة نبي الله هود عليه السلام.
Questions & Answers
نسب نبي الله هود عليه السلام هو؛ هود بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام ، ويقال : إن هودا هو عابر بن شالخ بن سام بن نوح.
ذكر أهل العلم أن قوم عاد عاشوا في منطقة تُسمى "الأحقاف" وهي ما توجد حاليًا في الربع الخالي في شبه الجزيرة العربية، وتحديدًا ما بين حضرموت وعُمان.
يُقال إن قوم عاد من أصل عربي حيث كانوا يعيشون في الخيام ذوات الأعمدة.
تعليقات