تعريف الظلم لغة واصطلاحا

يعد الظلم من الذنوب العظيمة التي يمكن أن يقترفها الإنسان في حق غيره، كما يمكن أن يظلم الإنسان نفسه كذلك، وقد حرم المولى عز وجل الظلم على نفسه، وتم التطرق إلى الحديث عن الظلم في العديد من الآيات القرآنية العظيمة وعن عاقبته السيئة وآثاره على النفس، ومن خلال هذا المقال نوافيكم تعريف الظلم لغة واصطلاحا.

تعريف الظلم لغة واصطلاحًا

الظلم مصدره ظلم فقد اشتق منها، ويراد به الجور ويقصد بظلم فلان أي الجور عليه وعدم إنصافه، أما الظلم في الاصطلاح يقصد به التعدي على الحقوق والسير نحو الباطل، وربما التصرف في أملاك الآخرين وتجاوز الحد كما عرف الظلم بوضع الشيء في غير مواضعه المختصة به سواء بالنقصان أو الزيادة أو العدول عن الوقت أو المكان..

أنواع الظلم وفق القرآن الكريم

هناك نوعان من الظلم إما ظلم الإنسان لنفسه وإما ظلم الإنسان للآخرين، كما تم ذكره في القرآن الكريم وهو كما يلي:

أولًا: ظلم الإنسان لنفسه

يقصد بظلم الإنسان لنفسه بأن يسيء إليها نتيجة قول او فعل خارج عن الحدود فقد قال المولى عز وجل في القرآن الكريم: ” إِنَّ اللَّـهَ لا يَظلِمُ النّاسَ شَيئًا وَلـكِنَّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمونَ“ (سورة يونس: الآية 44)، ومن أشكال ظلم الإنسان لنفسه ما يلي:

1- الشرك بالله

يعد الشرك بالله من أشد أنواع الظلم فعن عبدِ اللَّهِ بن مسعود -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- قالَ: (لَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}، شَقَّ ذلكَ علَى أصْحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقالوا: أيُّنا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ؟! فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ليسَ كما تَظُنُّونَ؛ إنَّما هو كما قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). [الراوي: عبد الله بن مسعود، المحدث: الألباني]

2- التعدي على حدود الله

قد نهى المولى عز وجل عن الاقتراب من حدوده وهناك أكثر من دليل في القرآن الكريم ومن قوله عز وجل:” تِلْكَ حُدُودُ اللَّـهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّـهِ فأولئك هُمُ الظَّالِمُونَ“. (سورة البقرة: الآية 229) 

3- الصد عن مساجد الله

قد وبخ المولى عز وجل من يصد عن سبيل الله من خلال قوله في الكتاب العزيز:” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّـهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وسعى فِي خَرَابِهَا أولئك مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ“. (سورة البقرة: الآية 114)

4- الإعراض عن آيات الله بتعطيل الأحكام

يظلم الإنسان نفسه من خلال الابتعاد عن آيات الله تعالى فيعرض نفسه لأشد العقاب فقد قال المولى عز وجل في الكتاب الكريم:“ وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى“. (سورة طه: الآية 124)

5- الكذب على الله

يعد الكذب على الله من أشد أنواع ظلم الإنسان لنفسه فقد قال المولى عز وجل في الذكر الحكيم:” فَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرى عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النّاسَ بِغَيرِ عِلمٍ إِنَّ اللَّـهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ”. (سورة الأنعام: الآية 144)

ثانيًا: ظلم الإنسان للآخرين

يعد ظلم الإنسان للآخرين ما هو إلا تعدي على حقوق الآخرين من خلال إيذائهم او سلب أموالهم دون وجه حق كما أن ظلم الإنسان للآخرين له عدة أشكال نوضحها فيما يلي:

1- أكل مال اليتامى

قد توعد المولى عز وجل لمن يأكل مال اليتيم بالعذاب الشديد فذلك من أقوى ضروب الظلم لضعف اليتامى وعدم قدرتهم على إثبات حقوقهم كما الراشدين فقد قال المولى عز وجل في الذكر الحكيم:” إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليتامى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا“. (سورة النساء: الآية 10)

2- ظلم الأولاد

قد أمرنا الحبيب المصطفى بالعدل بين الأولاد وعدم التفريق بينهم لأن ذلك يعد ظلمًا وقد حذرنا من ذلك الظلم في قول عن النعمانَ بنَ بَشير -رضيَ الله عنه- جاء أبوهُ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- فقال له: (إني نَحَلْتُ ابني هذا غلامًا فقال له: أَكُلَّ ولدِكَ له نِحْلةٌ مثلُ هذا؟ قال: لا، قال: فأردده). [الراوي: النعمان بن بشير، المحدث: الألباني]

3- اقتطاع العقارات والأراضي بدون وجه حق

اقتطاع الأراضي والعقارات بدون وجهِ حقٍّ يعد من ضروب الظلم فعن عبد الله بن عمر -رضيَ الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شيئًا بغيرِ حَقِّهِ خُسِفَ به يَومَ القِيَامَةِ إلى سَبْعِ أَرَضِينَ). [الراوي: عبد الله بن عمر، المحدث: البخاري]

4- قتل النفس التي حرم الله بدون وجه حق

قد أمرنا الله عز وجل في الوحي بعدم قتل النفس التي حرم الله قتلها بدون وجه حق فقد قال المولى عز وجل: “ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظلومًا فَقَد جَعَلنا لِوَلِيِّهِ سُلطانًا فَلا يُسرِف فِي القَتلِ إِنَّهُ كانَ مَنصورًا“. [سورة الإسراء: الآية 33)

5- التخلي عن الدقة والأمانة في العمل

يعد من صور الظلم أداء الواجب منقوصًا وأخذ الأجر كاملًا ويرجع ذلك إلى قول المولى عز وجل في الكتاب الحكيم:” إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا“. (سورة الأحزاب: الآية 72)

6- نقص الموازين والمكاييل

قد حذرنا المولى عز وجل من نقص الميزان والمكيال ودلالة على ذلك قول المولى عز وجل في الكتاب الكريم:“ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ“. (سورة المطففين: الآية 1)

7- عدم منح العمال حقوقهم

أمر تأخير رواتب الموظفين يعد من أعظم أنواع الظلم فعدم منحهم الحقوق وإنكارها يعد ظلمًا عظيمًا واستغلالًا لحاجتهم وضعفهم فعن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال فيما يرويه عن ربه -عز وجل- أنّه قال: (ثَلاثَةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَومَ القِيامَةِ، رَجُلٌ أعْطَى بي ثُمَّ غَدَرَ، ورَجُلٌ باعَ حُرًّا فأكَلَ ثَمَنَهُ، ورَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فاسْتَوْفَى منه ولَمْ يُعْطِهِ أجْرَهُ). [الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري].

 عاقبة الظلم

بعد التعرف على تعريف الظلم لغة واصطلاحًا نوافيكم بأن عاقبة الظلم مذمومة كما أنها تلحق الظالمين في الدنيا والآخرة وهي كما يلي:

• يعد الظلم سببًا للعقاب والبلاء.
• تصيب الظالم دعوة المظلوم فجعل الله دعوة المظلوم مستجابة.
• على الظالمين لعنة المولى عز وجل يوم الحساب.
• يحرم الظالمين من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم.

علاج الظلم

بعد استيفاء عرض تعريف الظلم لغة واصطلاحًا نزيكم بالتعرف على علاج الظلم وهو ما نعرضه في النقاط الآتية:

• التوبة إلى المولى عز وجل.
• رد المظالم لذويها.
• ترويض النفس وتربيتها على مراقبة المولى في السر والعلن.
• التقرب من الله بقراءة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
• مساعدة الظالم في الإقلاع عن الظلم.
• تذكير الناس بآثار الظلم وعواقبه.

الظلم من الذنوب الكبيرة فقد حرم المولى عز وجل الظلم على نفسه وبالظلم عدة أوجه يمكن أن يظلم الإنسان نفسه أو يظلم الآخرين ولا خلاف في إن ذلك الأمر يحاسب المولى عز وجل عليه العباد يوم الحساب فينبغي أن يراجع كل إنسان نفسه قبل أن يظلمها أو تجور على غيرها..