المحسنات البديعية في معلقة امرؤ القيس

المحسنات البديعية في معلقة امرؤ القيس
المحسنات البديعية في معلقة امرؤ القيس

في هذه المقالة سوف نتحدث عن أشهر معلقة من معلقات الشعر العربي ألا وهي معلقة امرؤ القيس، ولكن دعونا نتطرق أولًا إلى معرفة من هو امرؤ القيس وما هي المعلقات في الشعر القديم ولماذا سميت بهذا الاسم، والأهم من ذلك ما هي المحسنات البديعية في هذه المعلقة، كل ذلك سنناقشه من خلال المقال التالي.

من هو امرؤ القيس

المحسنات البديعية في معلقة امرؤ القيس

امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي، من أشهر وأنبغ الشعراء العرب قديمًا، انحدر امرؤ القيس من عائلة مترفة من حضر موت، قضي القيس فترة شبابه في كتابة الشعر الصريح والجريء حيث نهاه والده عن ذلك، ولكنه لم يكف عن هذا إلى أن أصر والده إلى أن يعيده إلى مقر عائلته في حضرموت مرة أخري كعقاب له، وقضي هناك خمس سنوات.

بعد ذلك انتقل إلى بلاد العرب لاهيًا وعابثًا وراء ملذاته، واستمر القيس في التسكع بين الطرقات بدون جدوى.

إلى أن حدث تغيرًا كبيرًا في حياة شاعرنا وتم قتل أبيه وحمل نفسه هذا الثأر، فبدأ يبتعد عن كل المجون الذي كان عليه ولم يشرب الخمر مرة أخري واستعان بأقاربه من قبيلتي تغلب وبكر لمساعدته في أخذ ثأر أبيه، ولكنهم خذلوه، فبدأ شاعرنا في كتابة شعره على غرار هذه الأحداث.

ما المقصود المعلقات

المعلقات ألا وهي نوع من أنواع الشعر، اشتهرت أيضًا بالعشر الطوال، تهد من أشهر ما كتب العرب قديما وذلك لسهولة حفظها وبراءة الشاعر في صياغتها ونثرها، حيث سميت بمعلقة لأنها كانت تعلق في الأذهان.

كان الناس يهتمون بهذه المعلقات كثيرا حيث كانت تعلق على أستار الكعبة قبل مجيء الإسلام، وليس ذلك فقط بل كانوا يهتمون بشرحها وتفسيرها وكانوا يدونوها. من الجدير بالذكر أن هذه المعلقات كانت عادةً ما تبدأ بذكر الأطلال أو ذكر المحبوب لديار محبوبته.

تعد المعلقات مهمة جدًا دون غيرها لأن المعلقات من أكثر الأشياء التي كانت تظهر فيها سمات ومحسنات الشعر الجاهلي حيث نقلت لنا بشكل كبير شكل الشعر الجاهلي وخصائصه.

معلقة امرؤ القيس

كما ذكرنا سابقا أن من أهم المعلقات معلقة امرؤ القيس لذا دعونا الآن نذكر بعض من أبيات هذه المعلقة ونغوص في معناها ومن ثم نستخرج بعض المحسنات البديعية بها كي نري جمال الشعر العربي في العصر الجاهلي.

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ    بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

يبدأ الشاعر معلقته بالبكاء كأنه يتحدث مع أكثر من شخص كصحبه العرب قديمًا، حيث كان يعتاد العرب على الوقوف معا كحد أدني ثلاثة أشخاص، ثم يبدأ بكاءه ويقول قفا معي وساعدوني في البكاء فقد فارقتني محبوبتي بمنقطع الرمل المعوج بين موضعين.

ترَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا    وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ

يبدأ بعدها هنا شاعرنا في وصف الديار حينما كانت تسكنها حبيبته وكانت معمرة وبها أنس ودفء، ولكن انظر كيف غادر أهلها الآن وأصبحت كالأرض البور التي ليس بها أي روح ولا مظهر من مظاهر الحياة كحبة الفلفل.

وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ    يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ

هنا يصف الشاعر حزنه وشدة ألمه بأنهم رحلوا ويطلبون منه تحمل فراقهم وألا يجزع ولكنه لا يستطيع ذلك حيث أنه لا يستطيع أن يخرج من لحظة رحيلهم.

بعض المحسنات البديعية في معلقة امرؤ القيس

أهم ما يميز معلقة امرؤ القيس هي المبالغة حيث كان يبالغ شاعرنا في المحسنات البديعية، أي يصف الأمور فيها وصفا مبالغًا فيه لا مثيل له ولا وصف يجوب بعده، دعونا نقرب المعني ونذكر أمثال هذه المحسنات كي يصل الأمر أكثر إلى أذهاننا:

ترى بَعَر الآرام في عَرَصَاتِها   وَقيعانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلفُلِ

في هذا البيت نري ان الشاعر شبه الآرام الملقاة على الأرض ب حبة الفلفل

مُهَفهَفَةٌ بَيضاءُ غَيرُ مُفاضَة    تَرائِبُها مَصقولَةٌ كَالسَجَنجَلِ

في هذا البيت نري أن شاعرنا شبه المرأة التي يحبها بالمرآة وذلك لشدة بياضها

وَجيدٍ كَجيدِ الرِئمِ لَيسَ بِفاحِشٍ ٍ   إِذا هِيَ نَصَّتهُ وَلا بِمُعَطَّلِ

ينتقل الشاعر بخياله في هذا البيت بالتشبيه غلي الطبيعة حيث شبه عنق محبوبته بالغزال الجميل

وعلي ذكر المعلقات فهناك معلقات كثيرة تظهر لنا كم الإبداع في الشعر الجاهلي وجمال لغتنا العربية وكيف كان يستخدمها العرب قديما سواء في الأشعار أو الكتابات النثرية المليئة بالمحسنات البديعية التي تأثرنا بها حتى في عصرنا الحديث هذا.